كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



{أروني ماذا خلقوا من الأرض}..
ولن يملك إنسان أن يزعم أن تلك المعبودات- سواء كانت حجراً أم شجراً أم جناً أم ملائكة أم غيرها- قد خلقت من الأرض شيئاً، أو خلقت في الأرض شيئاً. إن منطق الفطرة. منطق الواقع. يصيح في وجه أي ادعاء من هذا القبيل.
{أم لهم شرك في السماوات}..
ولن يملك إنسان كذلك أن يزعم أن لتلك المعبودات شركة في خلق السماوات أو في ملكيتها. ونظرة إلى السماوات توقع في القلب الإحساس بعظمة الخالق، والشعور بوحدانيته؛ وتنفض عنه الانحرافات والترهات.. والله منزل هذا القرآن يعلم أثر النظر في الكون على قلوب البشر؛ ومن يوجههم إلى كتاب الكون ليتدبروه ويستشهدوه ويستمعوا إلى إيقاعاته المباشرة في القلوب.
ثم يأخذ الطريق على ما قد يطرأ على بعض النفوس من انحراف بعيد. فقد يصل بها هذا الانحراف إلى أن تزعم هذا الزعم أو ذاك بلا حجة ولا دليل. يأخذ عليها الطريق، فيطالبها الحجة والدليل؛ ويعلمها في الوقت ذاته طريقة الاستدلال الصحيح؛ ويأخذها بالمنهج السليم في النظر والحكم والتقدير:
{ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين}.
فإما كتاب من عند الله صادق. وإما بقية من علم مستيقن ثابت. وكل الكتب المنزلة قبل القرآن تشهد بوحدانية الخالق المبدع المدبر المقدر؛ وليس فيها من كتاب يقر خرافة الآلهة المتعددة، أو يقول بأن لها في الأرض خلقاً أو في السماوات شركاً! وليس هنالك من علم، ثابت يؤيد مثل ذلك الزعم المتهافت.
وهكذا يواجههم القرآن بشهادة هذا الكون. وهي شهادة حاسمة جازمة. ويأخذ عليهم طريق الادعاء بلا بينة. ويعلمهم منهج البحث الصحيح. في آية واحدة قليلة الكلمات، واسعة المدى، قوية الإيقاع، حاسمة الدليل.
ثم يأخذ بهم إلى نظرة موضوعية في حقيقة هذه الآلهة المدعاة، مندداً بضلالهم في اتخاذها، وهي لا تستجيب لهم، ولا تشعر بدعائهم في الدنيا؛ ثم هي تخاصمهم يوم القيامة، وتنكر دعواهم في عبادتها:
{ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين}..
وقد كان بعضهم يتخذ الأصنام آلهة. إما لذاتها وإما باعتبارها تماثيل للملائكة. وبعضهم يتخذ الأشجار، وبعضهم يتخذ الملائكة مباشرة أو الشيطان.. وكلها لا تستجيب لداعيها أصلاً. أو لا تستجيب له استجابة نافعة. فالأحجار والأشجار لا تستجيب. والملائكة لا يستجيبون للمشركين. والشياطين لا تستجيب إلا بالوسوسة والإضلال. ثم إذا كان يوم القيامة وحشر الناس إلى ربهم، تبرأ هؤلاء وهؤلاء من عبادهم الضالين. حتى الشيطان كما جاء في سورة أخرى: {وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم} وهكذا يقفهم القرآن وجهاً لوجه أمام حقيقة دعواهم ومآلها في الدنيا والآخرة. بعدما وقفهم أمام الحقيقة الكونية التي تنكر هذه الدعوى وترفضها. وفي كلتا الحالتين تبرز الحقيقة الثابتة. حقيقة الوحدانية التي ينطق بها كتاب الوجود، وتوجبها مصلحة المشركين أنفسهم، ويلزمهم بها النظر إلى مآلهم في الدنيا والآخرة.
وإذا كان القرآن يندد بضلال من يدعون من دون الله آلهة لا يستجيبون لهم إلى يوم القيامة؛ وكان هذا يعني المعبودات التاريخية التي عرفتها الجماعات البشرية عند نزول هذا القرآن، فإن النص أوسع مدلولاً وأطول أمداً من ذلك الواقع التاريخي. فمن أضل ممن يدعو من دون الله أحداً في أي زمان وفي أي مكان؟ وكل أحد- كائنا من كان- لا يستجيب بشيء لمن يدعوه، ولا يملك أن يستجيب. وليس هناك إلا الله فعال لما يريد.. إن الشرك ليس مقصوراً على صوره الساذجة التي عرفها المشركون القدامى.
فكم من مشركين يشركون مع الله ذوي سلطان، أو ذوي جاه، أو ذوي مال، ويرجون فيهم، ويتوجهون إليهم بالدعاء. وكلهم أعجز من أن يستجيبوا لدعاتهم استجابة حقيقية. وكلهم لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً. ودعاؤهم شرك. والرجاء فيهم شرك.. والخوف منهم شرك. ولكنه شرك خفي يزاوله الكثيرون، وهم لا يشعرون.
ثم يمضي السياق يتحدث عن موقفهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به من الحق. بعدما تحدث عن واقعهم وتهافت عقيدة الشرك. ويقرر قضية الوحي كما قرر قضية التوحيد:
{وإذ تتلى عليم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيداً بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ وما أنا إلا نذير مبين قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة وهذا كتاب مصدق لساناً عربياً لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين}..
يبدأ الحديث عن قضية الوحي بترذيل مقولتهم عنه، واستنكار استقبالهم له، وهو آيات {بينات} لا لبس فيها ولا غموض، ولا شبهة فيها ولا ريبة. ثم إنه {الحق} الذي لا مرية فيه. وهم يقولون لتلك الآيات ولهذا الحق {هذا سحر مبين}.. وشتان بين الحق والسحر. وهما لا يختلطان ولا يشتبهان.
وهكذا يبدأ الهجوم منذ البدء على تقولهم الظالم وادعائهم القبيح، الذي لا يستند إلى شبهة ولا ظل من دليل.
ثم يرتقي في إنكار مقولتهم الأخرى.. {افتراه}.. فلا يسوقها في صيغة الخبر بل في صيغة الاستفهام. كأن هذا القول لا يمكن أن يقال، وبعيد أن يقال:
{أم يقولون افتراه}..
فيبلغ بهم التطاول أن يقولوا هذه المقولة التي لا تخطر على بال؟!
ويلقن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم بأدب النبوة، الذي ينم عن حقيقة شعوره بربه، وشعوره بوظيفته، وشعوره بحقيقة القوى والقيم في هذا الوجود كله:
{قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيداً بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم}..
قل لهم: كيف أفتريه؟ ولحساب من أفتريه؟ ولأي هدف أفتريه؟ أأفتريه لتؤمنوا بي وتتبعوني؟ ولكن: {إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً}.. وهو آخذني بما افتريت. فماذا يجديني أن تكونوا معي وأن تتبعوني.
وأنتم أعجز من أن تحموني من الله حين يأخذني بافترائي، وأضعف من أن تنصروني؟!
وهو الرد اللائق بنبي، يتلقى من ربه، ولا يرى في الوجود غيره، ولا يعرف قوة غير قوته، وهو رد كذلك منطقي يدركه المخاطبون به لو حكموا عقولهم فيه. يجيبهم به، ثم يترك أمرهم لله: {هو أعلم بما تفيضون فيه}.. من القول والفعل. وهو يجزيكم بما يعلمه من أمركم. {كفى به شهيداً بيني وبينكم}.. يشهد ويقضي، وفي شهادته الكفاية وفي قضائه. {وهو الغفور الرحيم}.. وقد يرأف بكم، فيهديكم رحمة منه، ويغفر لكم ما كان من ضلالكم قبل الهدى والإيمان..
رد فيه تحذير وترهيب. وفيه إطماع وتحضيض. يأخذ على القلب مسالكه، ويلمس أوتاره. ويشعر السامعين أن الأمر أجل من مقولاتهم الهازلة، وادعاءاتهم العابثة. وأنه في ضمير الداعية أكبر وأعمق مما يشعرون.
ويمضي معهم في مناقشة القضية- قضية الوحي- من زاوية أخرى واقعية مشهودة. فماذا ينكرون من أمر الوحي والرسالة؛ ولم يعجلون بتهمة السحر أو تهمة الافتراء؟ وليس في الأمر غريب ولا عجيب:
{قل ما كنتم بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ وما أنا إلا نذير مبين}..
إنه صلى الله عليه وسلم ليس أول رسول. فقد سبقته الرسل. وأمره كأمرهم. وما كان بدعاً من الرسل. بشر يعلم الله أنه أهل للرسالة فيوحي إليه، فيصدع بما يؤمر. هذا هو جوهر الرسالة وطبيعتها.. والرسول حين يتصل قلبه لا يسأل ربه دليلاً، ولا يطلب لنفسه اختصاصاً. إنما يمضي في سبيله، يبلغ رسالة ربه، حسبما أوحى بها إليه: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ}.. فهو لا يمضي في رسالته لأنه يعلم الغيب؛ أو لأنه يطلع على ما يكون من شأنه وشأن قومه وشأن الرسالة التي يبشر بها. إنما هو يمضي وفق الإشارة وحسب التوجيه. واثقاً بربه، مستسلماً لإرادته، مطيعاً لتوجيهه، يضع خطاه حيث قادها الله. والغيب أمامه مجهول، سره عند ربه. وهو لا يتطلع إلى السر من وراء الستر لأن قلبه مطمئن، ولأن أدبه مع ربه ينهاه عن التطلع لغير ما فتح له. فهو واقف أبداً عند حدوده وحدود وظيفته: {وما أنا إلا نذير مبين}..
وإنه لأدب الواصلين، وإنها لطمأنينة العارفين، يتأسون فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم فيمضون في دعوتهم لله. لا لأنهم يعرفون مآلها، أو يعلمون مستقبلها. أو يملكون فيها قليلاً أو كثيراً. ولكن لأن هذا واجبهم وكفى. وما يطلبون من ربهم برهاناً فبرهانهم في قلوبهم. وما يطلبون لأنفسهم خصوصية فخصوصيتهم أنه اختارهم. وما يتجاوزون الخط الدقيق الذي خطه لهم، ورسم لهم فيه مواقع أقدامهم على طول الطريق.
ثم يواجههم بشاهد قريب، لشهادته قيمتها، لأنه من أهل الكتاب الذين يعرفون طبيعة التنزيل:
{قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}..
وقد تكون هذه واقعة حال، ويكون واحد أو أكثر من بني إسرائيل، عرف أن طبيعة هذا القرآن هي طبيعة الكتب المنزلة من عند الله، بحكم معرفته لطبيعة التوراة. فآمن. وقد وردت روايات أنها نزلت في عبد الله ابن سلام. لولا أن هذه السورة مكية وعبد الله بن سلام إنما أسلم في المدينة. وقد ورد كذلك أن هذه الآية مدنية توكيداً لنزولها في شأن عبد الله- رضي الله عنه-. كما ورد أنها مكية وأنها لم تنزل فيه.
وقد تكون إشارة إلى واقعة أخرى في مكة نفسها. فقد آمن بعض أهل الكتاب على قلة في العهد المكي. وكان لإيمانهم، وهم أهل كتاب، قيمته وحجيته في وسط المشركين الأميين. ومن ثم نوه به القرآن في مواضع متعددة، وواجه به المشركين الذين كانوا يكذبون بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
وهذا الأسلوب في الجدل: {قل أرأيتم إن كان من عند الله...} إلخ يراد به زعزعة الإصرار والعناد في نفوس أهل مكة، وإثارة التخوف في نفوسهم والتحرج من المضي في التكذيب. ما دام أن هذا القرآن يحتمل أن يكون من عند الله حقاً كما يقول محمد. وفي هذه الحالة تكون العاقبة وخيمة. فأولى لهم أن يحتاطوا لهذا الفرض، الذي قد يصح، فيحل بهم كل ما ينذرهم به. ومن الأحوط إذن أن يتريثوا في التكذيب، وأن يتدبروا الأمر في حرص وفي حذر، قبل التعرض لتلك العاقبة الوخيمة. وبخاصة إذا أضيف إلى ذلك الاحتمال أن واحداً أو أكثر من أهل الكتاب يشهد بأن من طبيعة الكتاب قبله؛ ويتبع هذا التذوق بالإيمان. بينما هم الذين جاء القرآن لهم، وبلغتهم، وعلى لسان رجل منهم، يستكبرون ويكفرون.. وهو ظلم بين وتجاوز للحق صارخ، يستحق النقمة من الله وإحباط الأعمال: {إن الله لا يهدي القوم الظالمين}..
ولقد سلك القرآن شتى السبل، واتبع شتى الأساليب، ليواجه شكوك القلب البشري، وانحرافاته وآفاته؛ ويأخذ عليها المسالك؛ ويعالجها بكل أسلوب. وفي أساليب القرآن المتنوعة زاد للدعوة والدعاة إلى هذا الدين.. ومع اليقين الجازم بأن هذا القرآن من عند الله فقد استخدم أسلوب التشكيك لا أسلوب الجزم للغرض الذي أسلفنا. وهو واحد من أساليب الإقناع في بعض الأحوال..
وبعد ذلك يمضي في استعراض مقولات المشركين عن هذا القرآن وعن هذا الدين؛ فيحكي اعتذارهم عن التكذيب به والإعراض عنه، اعتذار المستكبر المتعالي على المؤمنين:
{وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه.
وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم}..
ولقد سارع إلى الإسلام وسبق إليه نفر من الفقراء والموالي في أول الأمر. فكان هذا مغمزاً في نظر الكبراء المستكبرين. وراحوا يقولون: لو كان هذا الدين خيراً ما كان هؤلاء أعرف منا به، ولا أسبق منا إليه فنحن، في مكانتنا وسعة إدراكنا وحسن تقديرنا، أعرف بالخير من هؤلاء!
والأمر ليس كذلك. فما كان يمنعهم عنه أنهم يشكون فيه أو يجهلون الحق الذي يقوم عليه. والخير الذي يحتويه، إنما كان هو الكبر عن الإذعان لمحمد- كما كانوا يقولون- وفقدان المراكز الاجتماعية، والمنافع الاقتصادية، كما كان هو الاعتزاز الأجوف بالآباء والأجداد وما كان عليه الآباء والأجداد. فأما الذين سارعوا إلى الإسلام وسبقوا إليه فلم تكن في نفوسهم تلك الحواجز التي منعت الكبراء والأشراف.
إنه الهوى يتعاظم أهل الكبر أن يذعنوا للحق، وأن يستمعوا لصوت الفطرة، وأن يسلموا بالحجة. وهو الذي يملي عليهم العناد والإعراض، واختلاق المعاذير، والادعاء بالباطل على الحق وأهله. فهم لا يسلمون أبداً أنهم مخطئون؛ وهم يجعلون من ذواتهم محوراً للحياة كلها يدورون حوله ويريدون أن يديروا حوله الحياة:
{وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم}..
طبعاً! فلابد من عيب في الحق ما داموا لم يهتدوا به، ولم يذعنوا له. لابد من عيب في الحق لأنهم هم لا يجوز أن يخطئوا. وهم في نظر أنفسهم، أو فيما يريدون أن يوحوا به للجماهير، مقدسون معصومون لا يخطئون!
ويختم هذه الجولة في قضية الوحي والرسالة بالإشارة إلى كتاب موسى، وتصديق هذا القرآن له- كما سبقت الإشارة في شهادة الشاهد من بني إسرائيل:
{ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة وهذا كتاب مصدق لساناً عربياً لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين}.
وقد كرر القرآن الإشارة إلى الصلة بين القرآن والكتب قبله، وبخاصة كتاب موسى، باعتبار أن كتاب عيسى تكملة وامتداد له. وأصل التشريع والعقيدة في التوراة. ومن ثم سمى كتاب موسى {إماماً} ووصفه بأنه رحمة. وكل رسالة السماء رحمة للأرض ومن في الأرض، بكل معاني الرحمة في الدنيا والآخرة.. {وهذا كتاب مصدق لساناً عربياً}.. مصدق للأصل الأول الذي تقوم عليه الديانات كلها؛ وللمنهج الإلهي الذي تسلكه الديانات جميعها؛ وللاتجاه الأصيل الذي توجه البشرية إليه، لتتصل بربها الواحد الكريم.